صدرت أحكام بالسجن وعدم الأهلية ضد العديد من المرشّحين المفترضين للانتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول، واشتكى آخرون من عقبات إدارية، وهو ما يعكس المنعطف الاستبدادي لقيس سعيّد. فهل سيكون هناك خصم حقيقي واحد على خط البداية ضد قيس سعيّد يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يطرح نفسه في تونس بعد إعلان المعارضين الرئيسيين للرئيس، الذي احتكر كل السلطات لمدة ثلاث سنوات، واحدا تلو الآخر أنهم ممنوعون من المشاركة في الانتخابات.
أصدرت محكمة تونسية يوم الإثنين، عشية الموعد النهائي لتقديم ملف الترشح للانتخابات، أحكاما بالسجن لمدة ثمانية أشهر في حق ثلاثة مرشحين مفترضين! وقد مُنع السياسي عبد اللطيف المكي والناشط نزار الشعري والقاضي مراد مسعودي من الترشح مدى الحياة على خلفية اتهامات بتزوير الانتخابات.
وفي المساء، حُكم على عبير موسي، زعيمة الحزب الدستوري الحر وأحد أكثر الأصوات المنتقدة للرئيس، بالسجن لمدة عامين بموجب مرسوم ضد “الأخبار الكاذبة”. وهي متهمة بتوجيه انتقادات إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الهيئة الانتخابية التونسية. وكانت هذه المعارضة مسجونة بالفعل منذ أكتوبر/تشرين الأول بتهمة “الاعتداء بهدف تغيير شكل الحكومة”.
عقبة البطاقة عدد 3
في الوقت نفسه، يواجه أولئك الذين تمكنوا من جمع العدد المطلوب من التزكيات عقبة أخرى: الحصول على “البطاقة عدد 3” الثمينة حول سجلهم الجنائي، وهي وثيقة ضرورية لملف ترشحهم. في المقابل، ترفض الإدارة تسليم هذه الوثيقة، وهو ما يشكو منه العديد من المرشحين، بما في ذلك أحد أخطر منافسي قيس سعيّد، منذر الزنايدي، الوزير السابق في عهد بن علي.
ومن المقرر أن تنشر الهيئة الانتخابية القائمة النهائية للمرشحين خلال أيام قليلة، لكن ليس هناك شك في رغبة الرئيس، الذي نجح في تقديم طلبه، في ضمان إعادة انتخابه. في هذا السياق، يقول مايكل عيّاري، المحلل في مجموعة الأزمات والمتخصص في شؤون البلاد: “نحن ننتظر هذه القائمة، وخاصة ما إذا كان منذر الزنايدي سيظهر فيها. لكن كل شيء يشير إلى أنه لن تكون هناك منافسة حقيقية. لدينا شعور بأن هناك تصفية للحسابات: إنها مسألة وضع حد لكل رموز التحول الديمقراطي. لقد انتهت فترة 12 عاما من الانفتاح السياسي، بوتيرة متسارعة منذ عام “2021.
“ديكتاتورية مختلّة”
قال حمزة المؤدب، الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط المتخصص في شمال أفريقيا، أن “تونس بصدد إعادة تعلم مهاراتها الاستبدادية. والدليل على ذلك إدانات المعارضين يوم الإثنين التي تعتبر “قرارات سريعة في نهاية محاكمات مستبعدة”.
لكن تونس ليست الجزائر، كما يؤكد الباحث، إذ من المتوقع أن يواجه الرئيس تبون مرشّحين رمزيين في السابع من سبتمبر/أيلول: “في الجزائر، تم نزع فتيل المنافسة منذ عقود، ويجسّد عبد المجيد تبون شكلا من أشكال الاستقرار. في المقابل، في تونس، انتقلنا من ديمقراطية مختلّة إلى دكتاتورية مختلّة بنفس القدر”.
أولا لأن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد لا تزال قائمة: نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي بأقل من 1 بالمئة، ومعدل بطالة 16 بالمئة، وديون بنسبة 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتضخم بلغ حدود 9 بالمئة…
وأشار حمزة المؤدب إلى أن “قيس سعيد استفاد من تحالف انتهازي مع الأجهزة الأمنية ومن غضب السكان مع تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي. لكنه يقدم نفسه من دون سجل ودون بداية لحل المأزق الاقتصادي”.
ويتابع الباحث أن “هناك ثغرات في النظام”. في الأثناء، لا يزال موقف الجيش مجهولا. ويشتكي الرئيس نفسه من كبار موظفي الخدمة المدنية الذين لا ينفذون أوامره لأنهم يرون بوضوح أنه ليس الرجل المناسب لهذا المنصب”. وهي شكوك لا يمكن حتى لعملية انتخابية محسومة سلفا أن تمحوها.
الصحيفة: ليزيكو
#تونس
#قيس_سعيد
#انتخابات_تونس_2024
#الانتخابات_الرئاسية_2024